من السموات أو من زمرة الملائكة ، فإنك مرجوم بالكواكب ، مطرود من رحمة الله ومحل أنسه ومن كل خير.
(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) أي وإن طردي مستمر دائم ما دامت الدنيا إلى يوم الجزاء والقيامة ، ثم في الآخرة يلقى من عذاب الله وعقوبته وسخطه ما هو به حقيق.
(قالَ : رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي قال إبليس : رب أمهلني حيا ، ولا تعاجلني بالإماتة إلى اليوم الذي يبعث فيه الناس ، أي آدم وذريته بعد موتهم. طلب هذا ليوسوس لآدم وذريته ، فيثأر من آدم الذي كان سببا لطرده من رحمة الله.
(قالَ : فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ، إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) قال الله تعالى : فإنك من الممهلين ، إلى اليوم الذي قدره الله لفناء الخلائق ، وهو عند النفخة الأولى. وقد طلب إبليس الإنظار (الإمهال) إلى يوم البعث ، ليتخلص من الموت ، لأنه إذا أنظر إلى يوم البعث ، لم يمت ، فأنظره الله إلى وقت الصعق لا إلى البعث. فلما أمن الهلاك تمرد وطغى وتحدى قائلا :
(قالَ : فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) أي فإني أقسم بعزتك (سلطانك وقهرك) أن أضل بني آدم بتزيين الشهوات لهم ، وإدخال الشبه عليهم ، إلا الذين أخلصتهم لطاعتك ، وعصمتهم من الضلالة والهوى والشيطان ، فهؤلاء لا أقدر على إضلالهم وإغوائهم ، كما قال تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ، إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) [الحجر ١٥ / ٤٢].
فأجابه الله تعالى :
(قالَ : فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ : لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)