(وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) لتعرفن أيها الكفار خبره وصدقه ، من الدعوة إلى الله وتوحيده ، والترغيب في الجنة ، والتحذير من النار ، بعد زمان قريب ، إما بعد الموت ، وإما يوم القيامة. قال الحسن البصري : يا ابن آدم ، عند الموت يأتيك الخبر اليقين.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ لم يطلب النبي صلي الله عليه وآله وسلم على تبليغ دعوته عوضا ماديا ، ولم ينشد تحقيق مكسب مالي أو مطمع دنيوي كالحكم والسلطة والجاه ، وهذا دليل على صدقه في نبوته ، لأن من الظاهر أن الكذاب لا بدّ من أن يظهر طمعه في طلب الدنيا ، وكان صلي الله عليه وآله وسلم بعيدا عن الدنيا ، عديم الرغبة فيها.
٢ ـ لم يكن النبي صلي الله عليه وآله وسلم متكلفا متقوّلا ولا متخرّصا ما لم يؤمر به من عند ربه ، فهو مبلّغ وحي الله بأمانة متناهية دون زيادة ولا نقص. أخرج الشيخان في صحيحيهما عن عبد الله بن مسعود قال : يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ، ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم ، فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم : الله أعلم ، فإن الله عزوجل قال لنبيكم صلي الله عليه وآله وسلم : (قُلْ : ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ).
وأخرج ابن عدي عن أبي برزة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم : «ألا أنبئكم بأهل الجنة؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : هم الرحماء بينهم ، قال : ألا أنبئكم بأهل النار؟ قلنا : بلى ، قال : هم الآيسون القانطون الكذابون المتكلّفون».
٣ ـ تتلخص دعوة النبي صلي الله عليه وآله وسلم في أصول ثمانية ، هي الأصول المعتبرة في دين الله ، ويشهد بصحتها كل ذي عقل سليم وطبع مستقيم وهي :