ثم حذرهم من عاقبة الخسران يوم القيامة قائلا :
(قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) أي قل لهم أيها الرسول : إنما الخاسرون كل الخسران هم الذين خسروا أنفسهم بالضلال والشرك والمعاصي ، وخسروا أتباعهم من الأهل حيث أضلوهم وأوقعوهم في العذاب الدائم يوم القيامة ، وهذا هو الخسران البيّن الظاهر الواضح ، فلا خسران أعظم منه ، إذ لا مجال لتعويض الخسارة.
ثم وصف حالهم في النار لبيان نوع الخسران فقال :
(لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ ، وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) أي لهم أطباق متراكمة من النار الملتهبة عليهم ، من فوقهم ومن تحتهم ، أي أن النار محيطة بهم من كل جانب ، كما قال تعالى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ ، وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) [الأعراف ٧ / ٤١] وقوله : (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ، وَيَقُولُ : ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [العنكبوت ٢٩ / ٥٥].
وسمى ما تحتهم ظللا ، لأنها تظلل من تحتها من أهل النار ، ففي كل طبقة من طبقات النار طائفة من طوائف الكفار.
(ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ ، يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) أي ذلك العذاب الشديد الذي يخبر به الله خبرا كائنا لا محالة ليرهب به عباده ، لينزجروا عن المعاصي والمآثم والمحارم ، فيا عبادي اخشوا بأسي وسطوتي ، وعذابي ونقمتي. وهذا التحذير والتنبيه نعمة عظمي صادرة من فيض رحمة الله وفضله ، حتى لا يفاجأ الناس بالعذاب ، ومن أنذر فقد أعذر.
وبعد إيراد هذا الوعيد لعبدة الأصنام ، ذكر الله تعالى وعده لمن اجتنب عبادتها ، فقال: