يَسْتَوِيانِ مَثَلاً)؟ أي ضرب الله مثلا للمشرك في صنعه لا في معبوده ، الذي يعبد أكثر من إله ، بحالة رجل عبد مملوك يملكه عدد من الرجال ، مختلفون فيما بينهم ، متنازعون في ذلك العبد المشترك بينهم ، متعاسرون ، لسوء أخلاقهم وطباعهم ، كل له رأي وحاجة ، فإذا طلب كل واحد من السادة من هذا العبد شيئا أو حاجة ، فما ذا يفعل ، وكيف يرضي جميع الشركاء؟ كذلك المشرك في عبادته آلهة متعددة لا يتمكن من إرضاء جميع تلك الآلهة.
وضرب الله مثلا آخر للمؤمن الموحد بحالة رجل آخر مملوك لشخص واحد ، لا يشاركه فيه غيره ، فإذا طلب منه شيئا لبّاه دون ارتباك ولا حيرة ، وهذا كالمسلم الذي لا يعبد إلا الله ، ولا يسعى لإرضاء غير ربه ، فهل يكون في طمأنينة أم في حيرة؟
هذان المملوكان هل يستويان صفة وحالا؟ أي لا يستوي هذا وهذا ، فكذلك لا يستوي المشرك الذي يعبد آلهة مع الله ، والمؤمن المخلص الذي لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له ، فأين هذا من هذا؟
ولما كان هذا المثل ظاهرا بيّنا جليا ، قال تعالى :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أي الحمد لله على إقامة الحجة عليهم ، وعلى أن الحمد لله لا لغيره ، وعلى التوفيق للإسلام والحق ، بل أكثر الناس لا يعلمون هذا الفرق ، فيشركوا مع الله غيره.
ونظرا لجهل أكثر الناس بالحق وعدم انتفاعهم بهذا المثل ، أخبر تعالى تهديدا بالموت بأن مصير الخلائق كلهم إلى الله ، وهناك يتقاضون في المظالم بين يدي الله ، فقال :
(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) أي إنك أيها الرسول ستموت ، وهم سيموتون ، ثم يحصل التقاضي عند الله ، فيما اختلفتم