وليس التمتع وحدهم وإنما هم في أنس وسرور مع أزواجهم ، فقال تعالى :
(هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ ، عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) أي إنهم وحلائلهم في الجنة في ظلال الأشجار التي لا تصيبها الشمس ، لأنه لا شمس فيها ، وهم فيها متكئون على السرر المستورة بالخيام والحجال (المظلة الساترة). والأرائك كما بينا : الأسرّة التي في الحجال. وهذه المتعة في الظلال ، وعلى الأسرّة والفرش الوثيرة الناعمة هي حلم الإنسان وغاية ما يطمح إليه.
والمتعة ليست روحية وإنما هي مادية ، فقال تعالى :
(لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ ، وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) أي تقدم لهم الفواكه من جميع أنواعها ، ولهم غير ذلك كل ما يتمنون ويشتهون ، فمهما طلبوا وجدوا من جميع أصناف الملاذّ.
وقوله : (لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ) ولم يقل «يأكلون» إشارة إلى اختيارهم وملكهم وقدرتهم.
والنعمة الأسمى من كل ما يجدون : سلام الله عليهم ، فقال تعالى :
(سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) أي إن ما يتمنونه هو تحية الله لهم بالسلام أي الأمان من كل مكروه ، يقول لهم : سلام عليكم يا أهل الجنة ، كما قال تعالى : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ : سَلامٌ) [الأحزاب ٣٣ / ٤٤] أو بوساطة الملائكة ، كما قال تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ : سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد ١٣ / ٢٣ ـ ٢٤] والمعنى أن الله يسلم عليهم بوساطة الملائكة ، أو بغير وساطة ، مبالغة في تعظيمهم ، وذلك متمناهم.