وإن خلقهم ضعيف ، فلا يتكبروا بإنكار النبي والقرآن المؤدي إلى هلاكهم اليسير.
بل للانتقال من غرض إلى آخر ، وهو الإخبار بحال النبي صلي الله عليه وآله وسلم وبحالهم (عَجِبْتَ) يا محمد من تكذيبهم إياك ، ومن إنكارهم قدرة الله تعالى وإنكار البعث. (وَيَسْخَرُونَ) أي وهم يستهزئون من تعجبك ومما تقوله من إثبات البعث.
(وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ) أي وإذا وعظوا بالقرآن لا يتعظون.
(وَإِذا رَأَوْا آيَةً) معجزة دالة على الصدق من معجزات الرسول صلي الله عليه وآله وسلم ، كانشقاق القمر. (يَسْتَسْخِرُونَ) يبالغون في السخرية والاستهزاء. (وَقالُوا : إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) أي وقالوا : ما هذا الذي تأتينا به وهو القرآن إلا سحر ظاهر واضح.
(أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) أي أنبعث إذا متنا ، وكرروا الهمزة مبالغة في الإنكار ، وإشعارا بأن البعث في رأيهم مستنكر في نفسه ، وفي هذه الحالة أشد استنكارا. (أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) الهمزة للاستفهام ، وهو عطف بالواو على محل إن واسمها : (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) أو عطف على ضمير : (لَمَبْعُوثُونَ) والفاصل همزة الاستفهام ، أي أو آباؤنا الأولون مبعوثون؟.
(قُلْ : نَعَمْ) تبعثون. (وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) صاغرون ذليلون. (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) أي صيحة واحدة ، وهو جواب شرط مقدر ، أي إذا كان ذلك ، فإنما البعث زجرة ، أي صيحة واحدة هي النفخة الثانية ، يقال : زجر الراعي غنمه ، أي صاح عليها وأمرها بالإعادة. (فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) أي فإذا الخلائق قيام من مراقدهم أحياء ، ينظرون ما يفعل بهم. (وَقالُوا) الكفار. (يا وَيْلَنا) هلاكنا ، وهو مصدر لا فعل له من لفظه ، ويقال وقت الهلاك. (الدِّينِ) الحساب والجزاء. (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) الحكم والقضاء بين الخلائق وتمييز المحسن من المسيء. وهو من قول الملائكة.
المناسبة :
افتتح الله تعالى هذه السورة بإثبات وجود الخالق وقدرته ووحدانيته بدليل واضح وهو خلق السموات والأرض وما بينهما ، وخلق المشارق والمغارب ، وأعقب ذلك بإثبات المعاد وهو الحشر والنشر والقيامة.
ومن المعلوم أن المقصد الأصلي للقرآن الكريم هو إثبات الأصول الأربعة : وهي الإلهيات ، والمعاد ، والنبوة ، وإثبات القضاء والقدر.