يحشر المشركون وأشباههم في الشرك ومتابعوهم في الكفر ومشايعوهم في تكذيب الرسل وقرناؤهم من الشياطين ، يحشر كل كافر مع شيطانه. كذلك يحشر أصحاب المعاصي مع بعضهم ، فيجمع أهل الزنى معا ، وأهل الربا معا ، وأصحاب الخمر معا .. وهكذا.
(فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) أي أرشدوا وعرّفوا هؤلاء المحشورين طريق جهنم ، زيادة في ازدرائهم والتهكم بهم.
(وَقِفُوهُمْ ، إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) أي احبسوهم في الموقف للحساب والسؤال عن عقائدهم وأقوالهم وأعمالهم التي صدرت منهم في الدنيا. وفي الحديث الذي أخرجه الترمذي عن ابن مسعود : «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس : عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وماذا عمل فيما علم».
(ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ) أي يقال لهم على سبيل التقريع والتوبيخ : ما بالكم لا ينصر بعضكم بعضا ، كما كنتم في الدنيا؟ وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر : نحن جميع منتصر ، فقيل لهم يوم القيامة : ما لكم غير متناصرين؟.
(بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) أي بل إنهم اليوم منقادون لأمر الله ، لا يخالفونه ، ولا يحيدون عنه ، لعجزهم عن الحيلة ، فلا ينازعون في شيء أبدا.
وفي هذا الموقف في ساحات القيامة ، يتلاومون فيما بينهم ، ويتخاصم الأتباع والرؤساء ، فقال تعالى :
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) أي أقدم الأتباع والرؤساء من هؤلاء الكفار ، يسأل بعضهم بعضا سؤال توبيخ وتقريع ومخاصمة ، في موقف القيامة ، كما يتخاصمون في دركات النار ، كما في آية : (فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا : إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ. قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا : إِنَّا كُلٌّ فِيها ، إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) [إبراهيم ٤٠ / ٤٨ ـ ٤٧].