١٠ ـ ثم ختم المؤمن كلامه بالتحذير من بقاء قومه بالشك والإسراف ، بسبب الجدال في حجج الله الظاهرة بغير حجة وبرهان ، إما بناء على التقليد المجرد ، وإما بناء على شبهات واهية ، وهؤلاء المجادلون يغضب الله عليهم ويعذبهم في جهنم ، ويبغضهم المؤمنون أشد البغض ، وتصبح قلوبهم مغلقة لا ينفذ إليها الخير.
١١ ـ ما أروع تلك الكلمات التي كان مؤمن آل فرعون يختم بها حججه وبراهينه!! فهي كما حكاها تعالى مع إقرارها دستور الحق ، وسنة الله ، وسبيل إقامة العدل ، وأساس الحساب في الدار الآخرة ، وتلك هي :
أ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) إشارة إلى علو شأن موسى عليهالسلام على طريق الرمز والتعريض ، أو إلى أن فرعون مسرف في عزمه على قتل موسى ، كذاب في إقدامه على ادعاء الألوهية ، والله لا يهدي من هذا شأنه وصفته ، بل يدمره ويهدم بنيانه.
ب ـ (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) يعني أن تدمير الأحزاب الذين تحزنوا على الرسل ، فكذبوهم وكفروا بهم ، كان عدلا ، لأنهم استوجبوه بسبب تكذيبهم للأنبياء.
ج ـ (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) تنبيه على قوة ضلالتهم وشدة جهالتهم بعد أن أكد التهديد بقوله : (ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ).
د ـ (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) أي مثل ذلك الضلال في الآباء والأجداد يضل الله من هو مشرك ، شاكّ في وحدانية الله تعالى ، مثل قوله تعالى : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) [إبراهيم ١٤ / ٢٧] وقول سبحانه : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) [البقرة ٢ / ٢٦].