٢ ـ إن مهمة الشياطين خطيرة تستوجب الحذر من وساوسهم وإغواءاتهم ، فهم يصدرون الناس عن سبيل الهدى ، حتى يخيل للكفار ويجعلهم يظنون أنهم مهتدون. وقيل : ويحسب الكفار أن الشياطين مهتدون ، فيطيعونهم.
٣ ـ تتجلى الحقيقة المرّة في الآخرة ، حين يتبرأ الكافر من الشيطان ، ويتمنى البعد عنه كالبعد بين المشرق والمغرب ، ويقول له : فبئس القرين أنت ، لأنه يورده النار. قال الفراء : أراد المشرق والمغرب ، فغلّب اسم أحدهما ، كما يقال : القمران للشمس والقمر ، والعمران لأبي بكر وعمر ، والبصرتان للكوفة والبصرة ، والعصران للغداة (الظهر) والعصر.
٤ ـ يقول الله للكافر يوم القيامة توبيخا : لن ينفعكم اليوم إذا أشركتم في الدنيا هذا الكلام ، وهو قول الكافر : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) أي لا تنفع الندامة ، فإنكم في العذاب مشتركون. أو لن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب ، لأن لكل واحد نصيبه الأوفر منه ، ولا ينفع أهل النار التأسي كما يتأسّى أهل المصائب في الدنيا ، فيقول أحدهم : لي في البلاء والمصيبة أسوة ، فيسكّن ذلك من حزنه ، فإذا كان في الآخرة لم ينفعهم التأسي شيئا لشغلهم بالعذاب.
٥ ـ سلّى الله نبيه عن حزنه وأسفه لإعراض قومه عن قبول رسالته ، وقال له : ليس لك من الأمر شيء ، فلا تستطيع هداية العشيّ الصمّ العمي الضالين ، فلا يضيق صدرك إن كفروا.
قال القرطبي في قوله تعالى : (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ ..) : فيه رد على القدرية وغيرهم ، وأن الهدى والرشد والخذلان في القلب خلق الله تعالى ، يضلّ من يشاء ، ويهدي من يشاء.
٦ ـ إن تعذيب المشركين آت عاجلا أم آجلا ، سواء في حال حياة النبي صلىاللهعليهوسلم أو بعد وفاته ، فالله قادر على كل شيء.