بعلى ، مثل : أشفقت على اليتيم ، فالعناية أظهر. (الْحَقُ) الأمر المحقق الكائن حتما. (يُمارُونَ) يجادلون. (لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) عن الحق ، فإن البعث أشبه الغيبيات إلى المحسوس ، فمن لم يهتد إليه لتوافر الدواعي على الاعتقاد به ، فهو أبعد عن الاهتداء إلى غيره.
(اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ) يتلطّف بهم جميعا ، سواء البرّ منهم والفاجر ، حيث رزقهم ولم يهلكهم بمعاصيهم. (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) من يريد ، كما يشاء ويريد. (الْقَوِيُ) الباهر القدرة. (الْعَزِيزُ) المنيع الذي لا يغلب.
سبب النزول :
نزول الآية (١٦):
(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ ..) : أخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : لما نزلت (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) قال المشركون بمكة لمن بين أظهرهم من المؤمنين. قد دخل الناس في دين الله أفواجا ، فاخرجوا من بين أظهرنا ، فعلام تقيمون بين أظهرنا؟ فنزلت : (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ) الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في هذه الآية قال : هم اليهود والنصارى قالوا : كتابنا قبل كتابكم ، ونبيّنا قبل نبيّكم ، ونحن خير منكم.
المناسبة :
بعد أن أبان الله تعالى وحدة الدّين في أصوله الأولى ، أمر نبيّه بالدعوة إلى الاتفاق على الملّة الحنيفيّة ، والاستقامة عليها والثبات على أحكامها ، وأنهى المحاجّة والمخصومة بين المؤمنين والمشركين لوضوح الحجّة ، ثم ذكر أن الذين يخاصمون في الدّين بعد الاستجابة إليه ، حجّتهم زائفة باطلة ، وأردفه استعجال المشركين استهزاء وإنكارا بيوم القيامة ، وإيمان المؤمنين به حتما واستعدادهم له ، وأن المماراة والشكّ فيه ضلال واضح ، لكثرة الأدلّة على وقوعه.