التفسير والبيان :
اشتملت الآية الأولى : (فَلِذلِكَ فَادْعُ ..) على عشرة أوامر ونواه ، كلّ منها مستقل بذاته ، ولا نظير لها سوى آية الكرسي ، فإنّها أيضا عشرة موضوعات. والأمر بهذه الأوامر والنهي عن هذه النواهي ، وإن وجه إلى النّبي صلىاللهعليهوسلم ، فهي له ولأمته.
١ ـ ٢ : (فَلِذلِكَ فَادْعُ ، وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) أي ادع أيها الرسول إلى ذلك الأمر المتفق عليه ، واثبت وداوم واستمر على عبادة الله وتبليغ الرسالة ، كما أمرت من ربّك ، فيكون قوله : (فَلِذلِكَ) أي إلى ذلك ، وتكون اللام بمعنى إلى ، كقوله تعالى : (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) [الزلزلة ٩٩ / ٥].
ويصحّ أن يكون المراد باللام التعليل ، أي فلأجل ذلك التّفرق والشّك المذكورين ، ولأجل تلك الاختلافات المتشعبة في الدين ، ادع إلى الاتفاق والائتلاف على الملّة الحنيفية القديمة ، واستقم عليها وعلى الدعوة إليها كما أمرك الله ، فتكون اللام على بابها للتعليل ، والمعنى : فمن أجل ذلك المتقدّم ذكره فادع واستقم.
أو فلأجل ما شرعه الله من الدّين الواحد ، فادع إلى الله وإلى توحيده ، واستقم على ما دعوت إليه ، واستمر على تبليغ الرسالة كما أمرت بذلك.
٣ ـ (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) أي ولا تتبع أيها الرسول أهواء المشركين فيما اختلقوه وافتروه من عبادة الأوثان ، ولا تتبع أيضا أهواء الذين أورثوا الكتاب فيما وقعوا فيه من شكوك وحيرة وتحريف وتبديل.
٤ ـ (وَقُلْ : آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ) أي وقل أيها الرسول : صدّقت بجميع الكتب المنزلة من السماء التي أنزلها الله على أنبيائه ورسله ، من