في بيعهم وشرائهم ، كقوله تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ ، وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ ، لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) [الحديد ٥٧ / ٢٥].
وبعد تقرير هذه الدلائل خوّف الله تعالى المنكرين بعذاب القيامة ، فقال :
(وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) أي وما يعلمك أيها الرسول والمخاطب أن مجيء الساعة عسى أن يكون قريبا حصوله. وفي هذا ترغيب باتباع شرع الله ، وترهيب من القيامة ، وطلب الاستعداد لها.
(يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) أي يتعجّل بقدوم الساعة الذين لا يصدّقون بها ، قائلين استهزاء وإنكارا وتكذيبا وعنادا : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين؟
(وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) أي والمؤمنون خائفون وجلون من وقوعها ، ويعلمون أنها كائنة لا محالة ، فهم عاملون من أجلها ، مستعدون لها ، كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) [المؤمنون ٢٣ / ٦٠].
ثبت في حديث متواتر أن رجلا سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بصورت جهوري ، وهو في بعض أسفاره ، فناداه ، فقال : يا محمد ، فقال له نحوا من صوته : «هاؤم» ، فقال له : متى الساعة؟ فقال له : «ويحك إنها كائنة ، فما أعددت لها؟» فقال : حبّ الله ورسوله ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «أنت مع من أحببت» أو «المرء مع من أحب».
(أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) أي ألا أيها السامع ، إن الذين يجادلون في وجود القيامة ، ويخاصمون فيها مخاصمة شكّ وريبة ، لفي جهل بيّن. وانحراف شديد عن الحقّ ، ولو تفكّروا لعلموا أن الذي خلقهم ابتداء