رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل الكتاب والفسق ، فإنه يجيء من بعدي أقوام يرجّعون بالقرآن ترجيع الغناء والنوح ، لا يجاوز حناجرهم ، مفتونة قلوبهم ، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم» فهذا نعي على الترجيع بالقرآن ترجيع الغناء والنوح.
ثانيا ـ ما روي عنه صلىاللهعليهوسلم أنه ذكر أشراط الساعة ، وذكر أشياء ، منها : أن يتخذ القرآن مزامير ، وقال : «يقدّمون أحدهم ، ليس بأقرئهم ولا أفضلهم ليغنيهم غناء».
ثالثا ـ أخرج الدارقطني عن ابن عباس قال : كان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم مؤذن يطرب ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الأذان سهل سمح ، فإن كان أذانك سهلا سمحا ، وإلا فلا تؤذن» فقد كره النبي صلىاللهعليهوسلم أن يطرب المؤذن في أذانه ، مما يدل على كراهة التطريب في القراءة بالأولى.
رابعا ـ أنكر أنس بن مالك على زياد النميري حينما قرأ ورفع صوته وطرب ، وقال : يا هذا ما هكذا كانوا يفعلون.
خامسا ـ إن التغني والتطريب يؤدي إلى أن يزاد على القرآن ما ليس منه ؛ لأنه يقتضي مد ما ليس بممدود ، وهمز ما ليس بمهموز ، وجعل الحرف الواحد حروفا كثيرة ، وهو لا يجوز. كما أن التلحين يلهي النفس بنغمات الصوت ، ويصرفها عن تدبر معاني القرآن.
والحق التوسط في الأمر ، فإذا كان التلحين والتطريب يغير من ألفاظ القرآن ، ويخل بطرق الأداء ، أو كان تكلّفا وتصنعا يشبه توقيعات الموسيقى ، فهو ممنوع وحرام. أما إذا كان تحبيرا وترقيقا وتحزينا يؤدي إلى اتعاظ القارئ ، وكمال تأثره بمعاني القرآن ، فلا دليل على المنع ، بل الأدلة تجيزه.