محور هذه السورة المكية الكلام عن البعث وأحوال الآخرة ، فهي كسائر السور المكية متعلقة بأمور العقيدة ، فذكر فيها القسم على وقوع البعث ، ثم بيان مقدماته ، ثم إيراد بعض دلائل القدرة والوحدانية ، وتلاها وصف بعض الأمور الغيبية وأحوال الكفار والمؤمنين في عالم الآخرة ولوم الكفار على بعض أعمالهم.
افتتحت بالقسم بالرياح والملائكة على وقوع يوم القيامة (أو يوم الفصل) وحدوث العذاب للكفار : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً ..) [الآيات ١ ـ ٧] وبيان علامات ذلك العذاب ووقته : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ..) [الآيات ٨ ـ ١٥].
ثم أوردت بعض دلائل القدرة الإلهية على البعث وإحياء الناس بعد الموت ، وهو إهلاك بعض الأمم المتقدمة وخلق الناس ، وجعل الأرض كفاتا (جامعة ضامة لمن عليها) والجبال الشامخات للتثبيت. وتضمن ذلك وعيد الكافرين بعقوبة مماثلة ، وتوبيخ المكذبين على إنكار نعم الله عليهم في الأنفس ومخلوقات الأرض : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ، أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ..) [الآيات ١٥ ـ ٢٨].
ثم حددت مصير المجرمين ، ووصفت عذاب الكافرين وصفا تشيب له الولدان : (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) [الآيات ٢٩ ـ ٤٠].
ثم وصفت نعيم المؤمنين المتقين ، وألوان التكريم والإحسان والإفضال في جنان الخلد : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ) [الآيات ٤١ ـ ٤٥].
وختمت السورة بتقريع الكفار وتوبيخهم على بعض أعمالهم ، وأبانت سبب امتناعهم عن عبادة الله ، وهو طغيانهم وإجرامهم : (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) [الآيات ٤٦ ـ ٥٠].