أخرج البخاري عن جابر بن عبد الله قال : حدثنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «جاورت بحراء ، فلما قضيت جواري ، هبطت ، فنوديت ، فنظرت عن يميني ، فلم أر شيئا ، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ، ونظرت أمامي فلم أر شيئا ، ونظرت خلفي فلم أر شيئا ، فرفعت رأسي ، فرأيت شيئا ، فأتيت خديجة ، فقلت : دثّروني ، وصبّوا عليّ ماء باردا ، قال : فدثّروني وصبوا علي ماء باردا ، فنزلت : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ، قُمْ فَأَنْذِرْ ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)». ورواه مسلم بلفظ آخر يدل على أن أول ما نزل : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ، عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) [القلم ٩٦ / ١ ـ ٥].
ووجه الجمع بين الرأيين : أن أول شيء نزل بعد فترة الوحي هذه السورة ، كما قال الإمام أحمد والشيخان عن جابر أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ثم فتر الوحي عن فترة ، فبينا أنا أمشي ، سمعت صوتا من السماء ، فرفعت بصري قبل السماء ، فإذا الملك الذي جاءني قاعد على كرسي بين السماء والأرض ، فجثثت ـ فزعت ـ منه فرقا ـ أي خوفا ـ ، حتى هويت إلى الأرض ، فجئت أهلي ، فقلت لهم : زمّلوني زمّلوني ، فزمّلوني ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ، قُمْ فَأَنْذِرْ ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ، وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) ثم حمي الوحي وتتابع».
وأخرج الطبراني (١) عن ابن عباس قال : إن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاما ، فلما أكلوا منه قال : ما تقولون في هذا الرجل؟ فقال بعضهم : ساحر ، وقال بعضهم : ليس بساحر ، وقال بعضهم : كاهن ، وقال بعضهم : ليس
__________________
(١) بسند ضعيف.