إني رأيت الجور ـ يعمل به ـ بعيني ، وسمعته يقال ، فرددته ، فحُرمت العطاء ، وسُيِّرت الى البلاد ، وغُرِّبت عن العشيرة والاخوان ، وحَرَم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأعوذ بربي العظيم أن يكون مني هذا شكوى ، أن رُكب مني ما رُكب ، بل انبأتُك أني قد رضيت ما أحب لي ربي ، وقضاه علي ، وأفضيت ذلك اليك ، لتدعوَ الله لي ، ولعامَّة المسلمين بالروح والفرج ، وبما هو أعم نفعا ، وخير مغبَّة وعقبى ـ والسلام .
جواب حذيفة له
فكتب اليه حذيفة :
بسم الله الرحمن الرحيم
أما
بعد يا أخي . فقد بلغني كتابك ، تُخَوّفني به ، وتحذّرني فيه منقلَبي ، وتحثني فيه على حظ نفسي ، فقديما ـ يا أخي ـ ما ، كنت بي ، وبالمؤمنين حفيَّاً لطيفا . وعليهم حدِبا شفيقا . ولهم بالمعروف آمِرا ، وعن المنكرات ناهيا ، وليس يهدي الى رضوان الله إلا هو ، ولا يُتناهى من سخطه الا بفضل رحمته ، وعظيم منِّه . فنسأل الله ربنا ـ لأنفسنا وخاصَّتنا ، وعامَّتنا ، وجماعة أمَّتنا ـ مغفرة عامة ، ورحمة واسعة ، وقد فهمتُ ما ذكرتَ من تسييرك ، يا أخي ، وتغريبك ، وتطريدك ، فعزَّ والله عليَّ يا أخي ، ما وصل اليك من مكروه ولو كان يُفتدى ذلك بمال ، لأعطيتُ فيه مالي ، طيِّبة بذلك نفسي ، ليصرَف الله عنك ـ بذلك ـ المكروه . والله ، لو سألتُ لك المواساة ، ثم أعطيتُها لأحببت احتمال شطر ما نزل بك ، ومواساتك في الفقر ، والأذى ، والضرر . لكنه ، ليس لأنفسنا ، إلا ما شاء ربنا . يا أخي ، فافزع بنا الى ربنا ، ولنجعل اليه رغبتنا ،