رقَابَة المُسْلِمين
لقد كان المسلمون الأوائل يراقبون عن كثب ، سلوك الخليفة ، وتحركاته وتصرفاته ، سواء في ذلك ما تعلق به شخصياً ، من حسن السيرة ، وإحقاق الحق والحكم بين الناس بالعدل ، أو ما يتعلق بالمسلمين بشكل عام ، كالمساواة في العطاء ـ إلا ما أمر الله ـ وحُسنِ إختيار الولاة من أهل الكفاءة والدين والعدالة وما الى ذلك . وهذا هو الذي أعطى الخلافة هيبتها ، وضمن لها الاستمرار فترة ما .
فكان المسلمون لا يألون جهدا في تقويم ما اعوج ومالَ عن خط الاسلام ، قدر الإمكان ، فكانوا يستنكرون التصرفات الشاذة ، ويعلنون احتجاجهم عليها ، بل ربما استعملوا العنف حين لا تنفع الكلمة ، كما جرى بين أبي بكر وعمر بشأن خالد بن الوليد حين قتل ـ هذا الاخير ـ مالك بن نويرة ، ودخل بامرأته ليلة مقتله . فقد احتج عمر على ابقاء خالد في قيادة الجيش ، وحين رأى أن أبا بكر يعتذر عنه ، بأنه « ما أول من تأوَّل فأخطأ » نهض اليه عمر بنفسه ، ـ وكان خالد قد دخل المسجد ، وقد غرز في عمامته أسهما ـ فنزعها عمر وحطمها ، ثم قال له « قتلت إمرء مسلما ، ثم نزوت على إمرأته والله لأرجمنك بأحجارك . »
__________________
(١) الكامل ٢ / ٣٥٩ .