ـ على حد تعبير ابن مسعود ١ ـ حتى مات .
وسيَّر جماعة من صلحاء الكوفة ، من بينهم مالك ابن الأشتر النخعي وصعصعة بن صوحان وأخوه زيد ، وعدي بن حاتم ، لكلام جرى بينهم وبين عامله على الكوفة سعيد بن العاص ، فسيَّرهم أولا الى الشام ، ثم بعد ذلك أعادهم ، ثم سيَّرهم الى حمص وكان العامل فيها عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وكان هذا الاخير يغلظ لهم ، فكان من جملة ما يقول لهم : لا أهلا بكم ولا سهلا . . جزى الله عبد الرحمن إن لم يؤذكم ٢ . . الى غير ذلك .
لقد كانت هذه الفترة ، من أشد الفترات حساسية في الاسلام . فمنها كانت بداية الشر ، فقد كان المسلمون قبلها يلجأون في مخاصماتهم الى الخليفة نفسه للنظر فيها والاستماع الى رأيه العادل في ذلك ، أو ـ على الاقل ـ كان يستمع منهم ويأخذ بآرائهم . أما ، وقد اختلت القاعدة ، وانعكست الموازين ، حيث أصبح الخليفة طرفا في الخصومة ، أو منحازا الى فئة معينة ، فانه لم يعد بالامكان ضبط الامور ، ولم تعد مخاصماتهم لتقتصر على الملاسنة والحجاج ، بل تعدتها الى استعمال القوة ، واللجوء الى القتل والفتك .
هذه الفترة الصعبة ، بدأت مواسمها تمرع في السنة السادسة من خلافة عثمان ، فكان مقتله بداية الحصاد ، ثم استمر وطال أعواما وقرونا ، خلَّف فيما بعد الجسم الاسلامي ، جسما هزيلا مفككا ، بعد ان كان صلبا قويا لا تعادله قوة .
ومن هذه الفترة ، تولدت الفترات المظلمة في تأريخ الاسلام ، والتي
__________________
(١) اليعقوبي ٢ / ١٧٠ و ١٧٣ .
(٢) الغدير : ٩ / من ٣٠ الى ٤٦ .