(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)(٥٤).
هنا تعريف بتأويل المبدء للقرآن وإلى معاده وكما القرآن كله تعريف عريف بالمبدء والمعاد وما بين المبدء والمعاد والله على كل شيء شهيد (١).
و «إن ربكم» تعريف به تعالى بكامل ربوبيته ، رغم الزعم أنها مختصة بأصل الخلق دون التدبير ، ولقد فصلنا القول حول خلق السماوات والأرض في ستة أيام بطيات آياتها ولا سيما في «فصلت والنازعات والبقرة» وهنا الإستواء على العرش هو الإحاطة على عرش القدرة والتدبير بعد خلقهما ، وإن كان الله على كل شيء قديرا ولكن فعلة فعلته القدرة والتدبير ليست إلّا بعد فعلية المقدور والمدبّر ، وحاقة البحث عن العرش تجدها في عرش الحاقة وما أشبه كآية الكرسي وسواها.
وهنا (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) يعني إغشاء الليل النهار قصدا إلى الظلمة الطارئة على الجو ، يطلبه حثيثا في هذه الدورة الدائبة الدائرة ، فدور الليل تطلب النهار في هذا الفلك الدوار.
فالنهار هنا هو الجو ـ المظلم بطبيعة الحال ـ الذي طرءه الضوء ،
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٩٠ ـ أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الدعاء والخطيب في تاريخه عن الحسن بن علي (عليه السّلام) قال : انا ضامن لمن قرأ هذه العشرين آية أن يعصمه الله من كل سلطان ظالم ومن كل شيطان مريد ومن كل سبع ضار ومن كل لص عاد ، آية الكرسي وثلاث آيات من الأعراف (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ ...) وعشرا من أول الصافات وثلاث آيات من الرحمن : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) .. وخاتمة سورة الحشر.