(فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)(٣٠).
(فَرِيقاً هَدى) بما اهتدوا : (الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (٤٧ : ١٧)(وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) بما حققوها : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (١٦ : ٥) ف (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ) متورطين في اللجج بعد بهور الحجج ، ثم (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) ـ (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (١٨ : ١٠٤).
أجل ، فكما بدأوا الرحلة فريقين : آدم وزوجه ، والشيطان وقبيله ، كذلك يعودون كل مع إمامه الذي كان يأتم به ، الصالحون مع أهل الله ، والطالحون مع الشياطين.
ذلك ، وترى كيف نقيم وجوهنا عند كل مسجد؟ عراة كما خلقنا الله أم لابسين كما اختلقناه من ملابسنا؟ :
(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)(٣١).
.. لما أمر بالقسط فرضا وراجحا ، فإليكم منها مصاديق : أخذ الزينة عند كل مسجد ، والقسط في الأكل والشرب دون إسراف ، فالتبذير فيها محرم بأحرى ، والإسراف فيها محرم دونه ، والشبع دون إسراف غير محبور ولا محظور ، ودون الشبع محبور.
ثم من «زينتكم» هي الرياش : ملابس التجمل فوق ملابس الستر (١) ، فكما من سوء الأدب أن نصلي عراة ، كذلك أن نصلي ـ فقط ـ مستوري العورات ومهما صحت الصلاة بذلك الستر القليل العليل في الفقه الأصغر ، فهي ليست لتصح في الفقه الأكبر ، وحين يجب أخذ
__________________
(١) في الدر المنثور ٣ : ٧٩ ـ أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء وفيه نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يصلي الرجل في لحاف لا يتوشح به ونهى أن يصلي الرجل في سراويل وليس عليه رداء.