بنفس القدرة ، و (هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ). وقد يعني التشبيه كلا الأمرين ، تشبيها في القدرة بأولوية ، وتشبيها في المنشأ بين البدء والعود ، ف (هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) (٣٠ : ٢٧) (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) (٢١ : ١٠٤) ، (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (١٠ : ٣٤) (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (٢٩ : ١٩)؟.
فالقادر على البدء ـ وهو واقع لا مرد له ـ هو قادر ـ بأحرى ـ على الإعادة ، كما هي الموعودة المتوقعة ، وهما متماثلان في جذور الخلق الإنشاء ، مهما اختلفا فيما يختص بكلّ واحد قضية نشأته.
إذا فلكلّ منا ترابه المخصوص به دون الزائد الملحق المدسوس من أجزاء آخرين ، أم أجزاء غير أصيلة في تكوّنه ، فكما أن كلّا منا خلق من خاصة نطفته أول مرة ، فهو العائد بها مرة أخرى مهما التحق بها ما يعيش كلّ معها طول عمره دون فصال ، ولكن الأجزاء الأخرى العائشة معنا ردحا ومع الآخرين ردحا آخر أم على طول الخط ، إنها ليست هي عائدة مع كلّ ، بل هي عائدة لأشخاصها ، أم بأشخاصها عن أصول الأبدان العائشة دوما معها.
وبوجه ثالث كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يحشر الناس حفاة عراة غرلا (١) وقال علي (عليه السّلام): فجاءوها حفاة عراة قد ظعنوا عنها بأعمالهم إلى الحياة الدائمة ، والدار الباقية كما قال سبحانه : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) (الخطبة ١١٠).
ذلك ، وقد تعني ـ فيما عنت ـ أن الآخرة هي مثال الدنيا ، فكما بدأكم فريقين بما عملتم مهتدين وضالين ، كذلك تعودون مهتدين وضالين دونما خلط ولا فوضى جزاف ، ويؤيده :
__________________
(١) مفتاح كنوز السنة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) نقلا عن : بخ ـ ك ٨١ ب ٤٥ ، مس ـ ك ٥١ ح ٥٦ ـ ٥٨ قا ، تر ـ ك ٣٥ ب ٣ ، ل ٤٤ سورة ١٧ ح ٧ وسورة ٢١ ح ٤ وسورة ٨٠ ح ٢ ، نس ـ ك ٢١ ب ١١٧ و١١٨ ، مج ـ ك ٣٧ ب ٣٣ ، مى ـ ك ٢٠ ب ٨٢ ، حم ـ أول ص ٢٢٠ و ٢٢٣ و ٢٢٩ و ٢٣٥ و ٢٥٣ و ٣٩٨ قا ، ثالث ص ٤٩٥ ، سادس ص ٥٣ و ٨٩ ، ط ـ ح ٢٦٣٨.