(وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ)(١٤٨).
قصة العجل الجسد الذي له خوار مفصلة بحذافيرها في «طه» (١) فلا نعيدها ، ولا نعيد هنا إلّا قصة الحلي المذكور هناك بصيغة (زِينَةِ الْقَوْمِ) أنها كانت من حليّهم دون حلي آل فرعون ، لمكان «حليّهم».
وهنا «جسدا» وصفا متميزا ل «عجلا» تخرجه عن كونه حيا ، فإن «عجلا» تكفي لكونه حيا ، فلا دور إذا ل «جسدا» إلا تجسيد العجل الذهبي ذهبيا كما «أخرج لهم السامري» ولأن السامري لم يكن ليخرج لهم إلّا ما أخرج ، دون معجزة تحويله إلى عظام ولحم ، فضلا عن إحياءه كسائر العجل التي يخلقها الله ، فقد نتأكد بهذا أو ذاك أن العجل لم يتحول عن البنية الذهبية إلى غيرها بحياة وغير حياة ، وأما «له خوار» فلأن «خوار» هو صوت العجل الحقيقي فليكن خواره الحقيقي ، إلّا أن «جسدا» يفصل عن ذلك.
ولأن «له خوار» دون «للسامري فيه خوار» أم بجري الريح من دبره إلى فمه خوار ، لذلك فليس ـ إذا ـ خواره إلا بما أخار الله من صوت العجل الحي في العجل الجسد ، وهذه هي أقل فتنة شر لهؤلاء الأنكاد البعاد ، وليعلموا من هم أولاء في حقل المعرفة الربانية ، بعد تواتر الآيات البينات التي رأوها منذ الرسالة الموسوية.
أجل «له خوار» بما الله أخار (٢) فتنة لهم وابتلاء بما يستحقون وكما قاله موسى (عليه السّلام) : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي
__________________
(١) الفرقان ١٦ : ١٦٧ ـ ١٨٥ ، فيه تفصيل مشبع عن تمام القصة بتمامها.
(٢) نور الثقلين ٢ : ٧٠ في تفسير العياشي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في الآية فقال موسى : يا رب ومن أخار الصنم؟ فقال الله : يا موسى أنا أخرته فقال موسى : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ ..) وفيه عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قال : إن فيما ناجى الله موسى (عليه السّلام) ان قال : يا رب هذا السامري صنع العجل فالخوار من صنعه؟ قال : فأوحى الله إليه يا موسى ان تلك فتنة فلا تفحص عنها.