مَنْ تَشاءُ) (٧ : ١٥٥).
فهي ـ إذا ـ فتنة شر للشريرين وكما افتتنوا بها وتبلبلوا ، وفتنة خير للخيّرين كما نجحوا فيها حيث تبلور الإيمان ولم يتبلبل ، كما (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً).
(أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ) ولو كان إلها لكلّمهم ليهديهم سبيلا (وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً) فهل هو بعد إله يعبد على كونه ميتا ليس له صوت حتى صوته ، فضلا عن صوت يهدي سبيلا «اتخذوه» إلها (وَكانُوا ظالِمِينَ) أنفسهم إذ ضلوا دونما حجة ، وإنما لجاجا أوقعهم في لجة ، فكانوا صراحا ، إذ لا يقيل الإشراك بالله إلّا أنه ظلم غير قاصر ولا معذور ، فحتى الحشرة تميز بين الفاضل والمفضول في حقل معرفتها ، وهذا الإنسان الذي جعل نفسه في أسفل سافلين انقلب إلى أدنى من الحشرة حيث يترك خالق الكون أجمع ويعبد عجلا جسدا له خوار!.
وإنما ذكر هنا من شؤون الألوهية التكليم والهداية ، دون شؤون أخرى لها كالتجرد واللّامحدودية والحياة وما أشبه؟ لأن حصيلة الألوهية الصالحة للمألوهين هي التكليم بما يسعدهم ، والهدى بما يتبعونه ، فحتى إذا وجد كائن له كافّة ميّزات الألوهية دون هداية فهي ـ إذا ـ ألوهية خاوية غاوية!.
لست أقول : إن كل من كلّم وهدى هو إله ، إنما أقول : من لا يكلم ولا يهدي ليس إلها ، فللألوهية ميّزات أبرزها في حقل الربوبية التكليم بما يرشد ويهدي المألوهية ، فالربوبية لزامها التكليم بالهدى وليس هو لزامه الربوبية لأن لها ميزات أخرى معها ، كان تلون هدى طليقة لا يخلطها خطأ فضلا عن أن تخلص في خطأ ، وترى (قَوْمُ مُوسى) هم كلهم في اتخاذ العجل إلها؟ علّه نعم لإطلاق القوم عليهم كلهم ، وأن دعاءه اختصه وأخاه : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي)! ولكنه لا ، حيث القوم لا يدل على الاستغراق ، وموقف الدعاء هنا خاص بمنزلة الرسول وخليفته ، ثم (مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (٧ : ١٥٩) تبعّض قومه