لمكان (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) وهذا لأدنى المؤمنين ، وهنا (جَزاءُ الضِّعْفِ) لأفاضلهم.
إذا فمطالبة ضعف العذاب للمضلّلين ـ فقط ـ لأنهم أضلوا ، خاوية عن العدل المرام يوم الحساب ، والجواب كلمة واحدة (لِكُلٍّ ضِعْفٌ) من العذاب وهو كثرته قدر المستحق ، فقد يكون ضعف المضلّل أضعف من ضعف المضلّل ، وآخر يعاكسه ، وضعف كلّ ليس إلا بميزان العدل ، ثم لا ضعف كما يشتهون (وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) أن لكلّ ضعفا كما (لا تَعْلَمُونَ) قدر الضعف لكلّ حيث الأعمال معروفة عند الله ، مجهولة عند من سواه.
فهنا (لِكُلٍّ ضِعْفٌ) تعني عذابا لضلاله وعذابا لإضلاله ، وكل ضعف إنما هو قدر المستحق عددا وعددا ولا يظلمون فتيلا.
(إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ)(٤٠).
هنا (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) قد تعني أبواب سماء الرحمة الرحيمية دنيوية وأخروية وبينهما ومن الأولى ألّا تفتح لهم أبوابا لتصعد أعمالهم وأدعيتهم إليها ، حيث (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (٣٥ : ١٠) كما لا تفتح عليهم بركاتها : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (٧ : ٩٦) ، ومن الأخرى عدم صعودهم إلى الجنة المأوى عند سدرة المنتهى ، كما أن مما بينهما عدم صعود أرواحهم لدى الموت إلى سماء الرحمة (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٨٣ ـ أخرج أحمد والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل صالحا قال : أخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب أخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان وربّ راض غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تنتهي إلى السماء السابعة فإذا كان الرجل السوء قال : ـ