(وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ)(٣٩).
وترى الفضل المنفي في بعد العذاب هو الفضل في عدّة العذاب وعدّته ، أن الفريقين
يتساويان فيهما؟ وهذا غير وارد في كل فريق بين أفراده فضلا عن الفريقين مع بعضهما البعض! فقد يعني فضل الضعف في العدد ، لا والعدد.
وعلى أية حال (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) فعلى قدر مكاسب السوء نجازى وتجازون.
وقد يعني (وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) مدى الضّعف مضلّلين ومضلّلين ، فلذلك ليس (فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) إلا جهلا بمدى «لكل ضعف» وهذا الجهل عذاب فوق العذاب.
ثم وقد تكون «فذوقوا ..» من كلام الله دون كلام أولاهم ، كضابطة عامة تعم أولاهم وأخراهم أن ذوق العذاب على أية حال ليس إلا بمكاسب السوء قدرها ، من مضلّل كان أم مضلّل ، على قدر ضلاله وإضلاله أم تقبله للضلال (وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ).
إذا فهي نقد على (فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) أم هو كلامهم وكذلك الأمر حيث أجابوا أنفسهم بأنفسهم. وحصيلة الضعف هنا وهناك أن لكلّ كثرة العذاب عددا وعددا حسب عديد العصيان وعدده ، وليس يعني (فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) إلا فضلا من الله يختص بالمضلّلين لأنهم أتباع ، فهو العدل المحكّم بين الفريقين ، وقد يربوا المضلّل على المضلّل في ضعف العذاب قدر ضعف العصيان ، وإنما الفضل يختص بكتلة الإيمان ، أن يزدادوا ثوابا عمّا يستحقون ، وأما الكفار فلا زيادة في عذابهم ولا نقصان عن المستحق بقسطاس مستقيم.
ولأن «الضعف» لا يختص بالمثلين كما (فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) (٣٤ : ٣٧) وأقل الضعف هو عشرة
__________________
ـ ضعف المستحق ، بل هو كثرة الثواب حسب كثرة الطاعات وأقل الضعف لهم عشرة أضعاف ف «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها».