أمة مضلّلة ، والأمة هنا كما بينا هي أمة الموت في الكفار الذين هم أهل النار.
ذلك ، ولأن الضلال منه حاضر في تعايش الضلّال والمضلّلين ، ومنه غير حاضر بمضلّليه لمكان ضلالهم الغابر ، العابر مر الزمن ، فقد يشمل الإضلال كلهما ، فان «من سن سنة سيئة كان عليه وزر من عمل بها إلى يوم القيامة ولا ينقص أولئك من أوزارهم» مهما كان الإضلال الحي أقوى وأغوى من الإضلال الميت.
إذا ف (قالَتْ أُخْراهُمْ) تشمل كل مضلّل و «لأولاهم» تشمل كلّ مضلّل حيا وميتا ما دام في ضلاله تأثير الإضلال بأي أثر باق باغ في حقل الضلال ، إذا فليست «أخراهم» هي المتأخرة موتا إذ قد يكون هي المتقدمة إضلالا.
(رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ) لضلالهم أنفسهم وإضلالهم إيانا (قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) فانكم كما هم ضللتم وأضللتم ، فان في الدخول إلى ربع الضلالة إضلالا للبسطاء ، ثم «لا تعلمون» ضعفكم عن ضعفهم ، فان لكلّ عذابا قدر سعيه في الضلال والإضلال.
ذلك ، فلا تعني «لكلّ ضعف» تماثل الضعفين عدة وعدّة ، بل هو التماثل لبعدي الضلالة مهما اختلفت العدة والعدة ، فقد يقوّى ضعف الأولين ويضعّف ضعف الآخرين ، حسب القوة والضعف في الضلالة والإضلال ، وكما أن كلا من الفريقين دركات في كلا الضلال والإضلال ، ثم والضعف في العدد كما العدد لا ينحصر في اثنين حيث قد يتجاوزهما إلى أضعاف حسب أضعاف الاستحقاقات (١).
__________________
(١) قال الأزهري «الضعف» في كلام العرب المثل إلى ما زاد وليس بمقصور على المثلين وجائز في كلام العرب أن تقول : هذا ضعفه أي مثلاه وثلاثة أمثاله ، لأن الضعف في الأصل زيادة غير محصورة كما «فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا» إذ ليست تعني ـ