الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ) (١٦٢)
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١٥٧).
فذلك الرسول النبي الأمي هو الرحمة الواسعة الربانية حيث «سأكتبها» فطليق الرحمة مكتوبة لكافة المتقين المؤتين الزكاة ، المؤمنين بالآيات ، ثم الرحمة الطليقة مكتوبة مستقبلة ل (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ...).
فهنا عذاب مكتوب للمعاندين على طول الخط ، ورحمة واسعة مكتوبة للمتقين المؤتين الزكاة المؤمنين بالآيات المتبعين هذا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ورحمة غير واسعة لهؤلاء المتقين غير المتبعين له (صلى الله عليه وآله وسلم) قصورا دون عناد وتكذيب ، إذ (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ. يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ. وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) (٣ : ١١٣ ـ ١١٥).
فهؤلاء هم من المتقين مهما لم يتبعوا هذا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قصورا دون تقصير أم بتقصير يسير مسامح ، وتلك الرحمة الواسعة تسع كل شيء واقعا رحمانية ، وتسع من لا يرفضها رحيمية ، فليس النقص ـ إذا ـ في فاعلية الرحمة الرحيمية ، إنما هو في القابلية ، فمن استقبل لها وقبلها فهي له قدر الاستقبال والقبول ، والقصد هنا إلى الرحيمية لمكان (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ ...) حيث الرحمانية مكتوبة لكافة الكائنات دون إبقاء واستثناء.