بعرضها ، وتعاملا مع أحياء الأرض وإحياءها ، ومواجهة لخالق الأرض ومن عليها.
ذلك ، ومن الذكريات المخجلة ل (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) بداية العصيان من أبوينا الأولين الذين مكّنهما جنته ، واسجد له ملائكته ثم نهاهما عن الشجرة فعصياه بإغواء الشيطان :
(وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ)(١١).
من الأكيد أن (قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) كان قبل «خلقناكم ..» كمجموعة ، فكيف تأخر هنا في هذا العرض العريض؟.
أفكان عرضا مشوشا خلاف واقع الترتيب؟ وهو مشوش من التأويل يمس من كرامة القرآن الرتيب الأديب فوق القمم كلها في الأدب الأريب!.
قد تعني «خلقناكم» بما خلق أبوينا الأولين حيث كنا ذرا هناك ، وكما (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (٣٦ : ٤١) بوجه الذرية الصحيح أنها هناك من إضافة الشيء إلى نفسه باعتبارين : حملناهم وهم ذرية في أصلاب وأرحام الآباء والأمهات المحمّلين في الفلك المشحون ، وكما تشهد له : «وأنا لم طغى الماء حملناكم في الجارية» (٦٩ : ١١).
فهنا «خلقناكم» بما خلقنا في صلب آدم وترائب زوجه «ثم صورناكم» تصويرا بدائيا إنسانيا هو الصورة الأولى الإنسانية ، ثم : «النطفة» وما أشبه من سابقتها.
وعلّ القصد من جمعية الخلق والتصوير هنا هو التلميح بأن سجود الملائكة لآدم بمعناه الصالح لم يكن ـ فقط ـ حرمة لشخصه الشخيص ، ومن ذريته من هم أعلى منه محتدا وأهليه لذلك الاحترام ، كالمعصومين المحمديين (عليهم السلام) الذين لم يكونوا يتركون الأولى بجنب الله فضلا عن عصيان.