هي حسابات خاصة بين الله ورسول الوحي ورسالته.
وهنا (كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) بعد «المص» مما تلمح أن المخاطب بها خصوص الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ثم (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) تلميحة أخرى أن «المص» تحمل ـ فيما تحمل ـ طمأنة لخاطره الشريف أنه ماض في سبيله ، مجتازا عقباتها وعقوباتها ، بفضل من الله ورحمته.
(كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) ٢
«المص» هو (كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) وهذا القرآن (كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) وقد يعني ماضي النزول في (هذَا الْقُرْآنُ) نازل محكمه ليلة القدر ، إلى نازل تفصيله في مثلث الزمان ، تلحيقا لمستقبله بماضيه لتحقق وقوعه كماضيه ، فنازل الثلاث من مراحل النزول يزيل عنه كل حرج ، وفي «المص» طمأنة رمزية بهذه البشارة السارة ، أم ـ فقط ـ نازل ماضيه حتى الآن حيث لا يكلف إنذارا وذكرى إلّا بما نزل بالفعل.
__________________
ـ قال : فأقبل حي بن أخطب على أصحابه فقال لهم : الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة فعجب ممن يدخل في دين مدة ملكه وأكل أمته إحدى وسبعون سنة ، قال : ثم أقبل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له يا محمد هل مع هذا غيره؟ نعم ، قال : هات ، قال : «المص» قال : هذا أثقل وأطول ، الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذا مأة وإحدى وستون سنة ، ثم قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هل مع هذا غيره؟ قال : نعم ، قال : هات قال : «الر» قال : هذا أثقل وأطول ، الألف واحد واللام ثلاثون والراء مائتان فهل مع هذا غيره؟ قال : نعم ، قال : هات قال «المر» قال : هذا أثقل وأطول ، الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والراي مائتان ، قال : فهل مع هذا غيره؟ قال : نعم قال : قد التبس علينا أمرك فما ندري ما أعطيت ثم قاموا عنه ثم قال أبو ياسر لحي أخيه وما يدريك لعل محمدا قد جمع هذا كله وأكثر منه فقال أبو جعفر (عليه السّلام) : إن هذه الآيات أنزلت منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات وهي تجري في وجوه أخر على غير ما تأول به حي وأبو ياسر وأصحابه.