يملك موسى رسول الله في الله.
ثم (أَخَذَ الْأَلْواحَ) واللام للعهد ، تعني نفس الألواح التي ألقاها دون أن تتكسر أو بعضها ، ودون أن يرفع بعضها ، خلافا لمختلقات الروايات ، وعلى أية حال (أَخَذَ الْأَلْواحَ) التي ألقاها ، (وَفِي نُسْخَتِها) وهي زبرها وخطها (هُدىً وَرَحْمَةٌ) هما نفس (مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) إذ لم يكن الله ليلغي نسخة (هُدىً وَرَحْمَةٌ) يلقيها موسى غضبا لله وأسفا على الإشراك بالله.
(هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) فهما واقع (هُدىً وَرَحْمَةٌ) حيث هما من أصول الحصائل (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) وأما الذين لربهم لا يرهبون فهما ـ فقط ـ دلالة هدى ورحمة دون واقعهما ، فهنا واقع بواقع وشأن بشأن ، واقع (هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) وشأن للذين لا يرهبون ولهم شأن الاهتداء والاسترحام ولكن لا حياة لمن تنادي.
وهنا (لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) دون «يرهبون ربهم» للتأشير إلى واجب حصر الرهبة لربهم فلا يرهبون سواه إلا فيه ، ثم وهم يرهبونه لأنه ربهم لا لطوارئ أخرى مصلحية الحفاظ على ما يعنون.
ذلك ، وإلى مشهد جديد في تفصيله هو مديد لمشهد سؤال الرؤية حيث هما واحد :
(وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ) (١٥٥).
لقد تطلبوا إليه أن يروا الله جهرة : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ. ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٢ : ٥٦).
وهنا يختار موسى سبعين رجلا لميقات ربه بعد ما سألوه الرؤية جهرة