مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ. وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ. فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ. فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ ..)هذه مما تدل صارحة بفصل فاصل بين وعد الإجابة وواقعها لموسى (عليه السلام).
ولما ذا هنا «دعوتكما» ولم يكن الداعي إلّا موسى؟ لأن هذه الرسالة واحدة فدعوة موسى هي بنفسها دعوة هارون كما وتلمح له «ربنا» حيث تعني جمعية رسولية متمثلة فيهما ، أم ولأن موسى دعى وهارون أمّن دعائه فهما ـ إذا ـ داعيان اثنان ، وكما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (١) ، أم أنهما دعيا مهما لم يذكر منهما إلا دعاء موسى (٢)
(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(٩٠).
(جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ) إجمال عن تفصيل في آيات أخرى تفصّل خارقة هذه المجاوزة (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ) في البحر لما رأوهم مجاوزين ، فخوف البحر لم يكن ليخوّفهم تخيلا منهم أنهم على ضعفهم جاوزوه ، والطريق بعد يبس ، فلما ذا لا نجاوزه نحن على قوتنا ، ثم «أنا
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٣١٦ في أصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): دعى موسى وأمّن هارون (عليهما السلام) وأمنت الملائكة فقال الله تعالى : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما) ومن غزا في سبيل الله استجيبت له كما استجيبت لكما يوم القيامة.
(٢) المصدر في تفسير القمي عن أبي جعفر (عليه السلام) في طائل القصة : فمضى موسى وأصحابه حتى قطعوا البحر وأدركهم آل فرعون فلما نظروا إلى البحر قالوا لفرعون : ما تعجب مما ترى؟ قال : أنا فعلت هذا فمروا وامضوا فيه ، فلما توسط فرعون ومن معه أمر الله البحر فأطبق عليهم فغرقهم أجمعين فلما أدرك فرعون الغرق (قالَ آمَنْتُ ..).