شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ... الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٦ : ١٩ ـ ٢٠).
فعلم الله الذي لا يتغير ولا يتدرج ولا ينتقص ولا ينتقض ، ظاهر في آياته ، باهر في بيناته ، والركب السريع الهريع من العقل والعلم شاهد صدق على أنه علم الله و (أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ).
أجل ، وليس القرآن بحاجة لإثبات ربانية صدوره إلى شاهد سواه ، كما الله لا يحتاج إلى ما سواه ، فإنه نور وتبيان وشاهد وبرهان لا يوازيه أو يساميه أي برهان شهادة لربانيته ، ولا بيانا لما يحويه من حاجات المكلفين منذ بزوغه إلى يوم الدين : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٤ : ٨٢) ولن تجدوا في هذا القرآن اختلافا كثيرا ولا يسيرا!.
إذا (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) : (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٤ : ١٦٦) حيث يشهد بعلمه في كتابه على وحيه وعلى توحيده : (وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) لله بكامل حججه وبيناته في كتابه؟.
ذلك ، ولما ذا يتحدى القرآن بمثلث (بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ) و (بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ) و «بسورة مثله ـ أو ـ من مثله»؟
هذا ليحلّق التحدي على مثلثه ، فلا يقال قد لا يؤتى بسورة واحدة مثل سورة واحدة منه ولكن يؤتى بسور قد تماثل القرآن بعضا مّا ، أم يؤتى بقرآن يماثله شطرا مّا.
فلكي تسد كافة الثغور على بلدة القرآن يؤتى بمثلث التحدي وأقله سورة مّا وإن مثل سورة الكوثر ، وأوسطه عشر سور بين صغيرة وكبيرة ومتوسطة ، وأكثره كل القرآن.
ذلك ، وليحلّق التحدي على كافة المواضيع القرآنية ـ العلمية ـ