وهنا (أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) دليل أنهم كانوا معترفين بالله مشركين به ما سواه ، وتوحيد العبودية للإله الأصل هو من القضايا التي قياساتها معها ، حيث الإشراك بالله ظلم عظيم فطريا وعقليا وفي كافة الموازين الإنسانية بل والحيوانية ، وحتى أدنى شعور لأدنى حشرة!.
وهنا (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) خلاصة وكلاسة من رسالته كلها ، وعلّها خبر ل «ورسالته إني ـ أو ـ قال : إني ..» ثم بيّن نذارته بالقطاعات التالية.
ولأن عبادة الله بحاجة إلى شرعة لها من الله فقد كانت له شرعة فرعية متفرعة على هذه الأصول الثلاثة ، مهما كانت محدودة بحدود الحاجات والإمكانات (١).
وهنا (عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ) قد تعني إلى عذاب الأخرى عذاب الاستئصال في الأولى وكما تطلّبوه منه : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٣٢).
وقد ذكر «نوح» (عليه السلام) بدعوته في (٤٣) موضعا من الذكر الحكيم ضمن (٢٩) سورة مما يدل على هامة دعوته ، وهنا كأهم ما يؤتى بذاكرة يذكر سبع مرات أكثر من كل سورة حتى سورة «نوح» حيث يذكر فيها ثلاث مرات ، فهنا تفاصيل لا توجد في غيرها من مسارح ذكراه.
(فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا (٢) الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ)(٢٧).
هنا يقدّم (الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) ثالوث الأعذار الأعذار
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٣٤٨ في تفسير العياشي عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال : كانت شريعة نوح أن يعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد وهي الفطرة التي فطر الناس عليها وأخذ ميثاقه على نوح (عليه السلام) والنبيين أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا وأمر بالصلاة والأمر والنهي والحرام والحلال ولم يفرض عليه أحكام حدود ولا فرض مواريث فهذه شريعته.