مُرِيبٍ) (١١ : ١١٠) ـ (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ. يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ. قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) (٥١ : ١٠).
فالاختلاف المرفوض هو المقصّر ، فلا يشمل إختلاف أهل الحق مع من سواهم فإنه مفروض ، إنما هو اختلاف أهل الباطل فيما بينهم أنفسهم ومع أهل الحق ، واختلاف أهل الحق فيما بينهم دون عذر ، و «أهل الرحمة لا يختلفون في الدين» (١) فإن الله «خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمة فيرحمهم» (٢) ، فالرحمة المقصودة لعباد الله هي العبادة الموحّدة الموحّدة دون خلاف واختلاف مقصّر.
والإختلاف بين تقصير وقصور ، والأول هو المحظور أن يختلف الناس في الحق بعد ما جاءتهم البينات تغاضيا عنها ابتغاء أهواءهم ورغباتهم ، وإنما ذلك في أصل الشرعة وفروعها البينة.
والثاني هو الإختلاف قضية القصور الذاتي زمن غياب المعصومين (عليهم السلام) ، وذاك في فروع أحكامية قليلة قليلة جدا ، حيث الكتاب المبين والسنة البينة يزيلان أي اختلاف ، ويكسحان أي خلاف ، إلّا ما قصر القاصرون عن تفهمه.
ثم لا إختلاف معاندا في هذه القلة القليلة من الفروع الأحكامية فيما هي منتهى مبالغ الاجتهادات الصالحة ، وهنا يصلح القول : للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد.
ذلك ، ومهما كانت أسباب الخلافات قاصرة ومقصرة بين الأمم السالفة كثيرة عسيرة ، فهي بين أمة القرآن قليلة يسيرة ، حيث القرآن ـ وهو المحور الأصيل ـ خالد على مر الزمن ، حاكما بين الأصيل والدخيل ، دون أي تحريف وتجديف.
فحين يؤصّل القرآن والسنة المؤيّدة به في الأصول الإسلامية
__________________
(١) المجازات النبوية للسيد الشريف الرضي (٧).
(٢) المصدر.