وفروعها ، فقد تستأصل كافة الخلافات ، ولا سيما إذا كان (أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) بين الرعيل الأعلى من الأمة الإسلامية ، والمفروض على كلّ منا رفض الإختلاف قدر الإمكانية ، محاولة بكل حول وقوة للحصول على الحق المرام ، ثم الحاصل عليه ، عليه توجيه الآخرين لينسلكوا في سلك الحق ، والمحور الأصيل هو الحصول على الحق لنفسك ، ومن ثم للآخرين ، إذا فوزر الإختلاف عن الدين وفي الدين ، ليس فقط على عواتق المتخلفين ، بل وكذلك على العارفين الحق ، الذين لا يحاولون التوحيد على الحق بدعوة الآخرين ، وتوجيههم إلى الحق المبين.
أجل ، وإن الله لم يخلقنا لنختلف ، بل خلقنا لنأتلف على ضوء فطرة الله وشرعة الله ، بعقلية سليمة ، حيث العقل الإنساني طائر قدسي يطير بجناحي الفطرة والشرعة الربانية ، إذا الشرعة تتبنى الفطرة كما العقل يتبناها ، بفارق أن العقل آخذة منها ومفكرة في مغزاها وأحكامها ومرماها ، والشرعة مبينة أخطاء العقل في أخذها ، شارحة لتفاصيل غير مبينة فيها.
فهذه زوايا ثلاث من هندسة الرسالة الربانية أنفسية وآفاقية ، هي متجاوبة مع بعضها البعض ، بفارق أن الأنفسيتين مستفيدتان من رسالة الوحي ومن سائر الآيات الآفاقية.
ثم (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) وهو مليء الورود ، فريق للمكوث في هذا الورود وبئس الورد المورود ، وفريق للنجاة بعد رؤية سجن الخاطئين ، ونعم الورد المورود ف (إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا. ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) (١٩ : ٧٢) فالباقون فيها كثير والناجون عنها قليل : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)(٧ : ١٧٩).
ذلك ، وقد يعني «أجمعين» هنا فيما سبقت من كلمة ربك التي ألقاها إلى إبليس إذ : (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ