ذلك ، فتراه ـ بعد ـ تفصيلا للكتاب المقدس ـ على حد تعبير الحداد الشداد في تقولاته (١) ويكأن «الكتاب» في عرف القرآن يختص بذلك الكتاب دون القرآن نفسه بمراتبه السابقة ، في علم الله ، وفي نزوله ليلة القدر بصورة محكمة وما أشبه؟!.
وهنا النقطة الرئيسية في انحراف الحداد وانهرافه هي اعتباره لفظة : «الكتاب» أنه الكتاب المقدس ، وإنما مثله في هذه الدعوى مثل من أنس بكتاب خاص بكل مراس واكتراس ، فكلما يسمع لفظة «الكتاب» من أي كتاب ، يحسبه كتابه الخاص ، مشية عشواء حمقاء عمياء : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٦٧ : ٢٢).
وهل يستسيغ الحداد تفسير لفظة «الكتاب» في التوراة أنها تعني صحف إبراهيم ، لأنه كتاب سبقه؟.
و «الكتاب» المذكور في القرآن في عشرات من آياته تعني ـ كأصل ـ القرآن ولا سيما ، فيما يصرح بنزوله على رسول القرآن ، ثم وتعني سائر الكتاب بقرائن تعينه وتعنيه.
فقد تعني كل كتاب (وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) (٢ : ٢١٢).
وأخرى كتابا خاصا ك (إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ ..) (٢ : ٥٣).
وثالثة ما فرضه الله في القرآن : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) (٤ : ٢٤).
ورابعة كتاب العدة الرجعية : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) (٢ : ٢٣٥) فهل «الكتاب» هنا أيضا ـ كما يهواه الحداد ـ
__________________
(١) يقول في كتابه «القرآن والكتاب» (٦٦٢) «مهما يكن من شيء فلا شك أن القرآن تفصيل للكتاب المقدس للقول المكرر بانه تفصيل الكتاب وتصديقه فهل يفصل النبي كتابا لا يعرفه».