او لأن «المتقين» هنا وجاه «الغاوين» : الكافرين ، فهم إذا الموحدون ، الذين اتقوا الإلحاد في الله والشرك بالله فماتوا موحدين فان مصيرهم الى الجنة مهما كان لهم قصور او تقصير ، ولكنه لا يشمل الموحدين المحكوم عليهم بالنار كما في آيات عدة ، فقد تعني «المتقين» تقوى العقيدة والعمل ، من استقرت فيهم ملكة التقوى ، أن ملكتهم التقوى دون الطغوى ، ثم العوان بين «الغاوين» و «المتقين» منهم مستضعفون مرجون لأمر الله ، ومنهم من يعذّبون في النار ثم يخرجون عنها قريبا ام بعيدا ، ومنهم الأطفال والمجانين ، لا طاغين ولا متقين ، فإنهم ايضا من اهل الجنة ، إذا فالمتقين تخص من عاش حياة التقوى مهما خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، ما دام الأصل فيها خلاف الطغوى.
ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها ، واعطوا أزمتها فأوردتهم الجنة ، وفتحت لهم أبوابها ، ووجدوا ريحها وطيبها وقيل لهم (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ)(١).
والباء في «بسلام» تعم السببية والمعية : ادخلوها مصاحبين سلام ، بسبب سلام قدمتموه لأنفسكم ، سلام تحية وإكرام ، لفظيا وواقعيا «آمنين» من كل اضطراب من غل في صدور او نصب ام خروج.
(وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ)(٤٨).
وهنا نتأكد ان «المتقين» يخص غير المخلصين إذ ليس في صدورهم غل ، فهم المرسل إليهم المؤمنون العاملون الصالحات على درجاتهم بدرجاتها :
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ١٩ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين وفيها : ...