في العذاب ، وقد يعنيه المروي عن رسول الهدى «لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع من حرام ولو يعلم قدر عذابه لجمع نفسه» (١). فليعلم العبد القدرين جميعا حتى يجمع نفسه متورعا من الحرام ، غير قانط من رحمة الله ، لا مستهتر لا يرعوي ، ولا آيس غوي.
(وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ)(٥٢).
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ. فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ. فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ. فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) (٥١ : ٢٨) (٢).
«ونبئهم» نبأ الرحمة الخارقة للعادة ، البارعة لنبي الرحمة (عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) الخليل ، انباء مختصرا غير محتصر ، فالذاريات بما معها من آيات تفصله تفصيلا (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) فجأة دونما استئناس ولا تعريف بأنفسهم أمّا يقصدون ، وإلا فكيف (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ)؟ فانما (قالُوا سَلاماً) وهو عليه السلام رد عليهم السلام (قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) لا نعرفهم!.
وهنا نتأدب بالأدب الرسالي ، وهو واجب تكريم الضيف وتقديم
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٠٢ ـ اخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية. قال : بلغنا ان نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ... وفيه «اطلع علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الباب الذي يدخل منه بنوا شيبة فقال ألا أراكم تضحكون ثم أدبر حتى كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى فقال : اني لما خرجت جاء جبرئيل فقال ، يا محمد ان الله يقول لم تقنط عبادي : نبئ عبادي ..
(٢) راجع الفرقان ٣٦ : ٣٢٤ ـ ٣٣١ ـ تجد فيه تفصيل القصة.