الإضافة الميسورة له مهما كان منكرا لا نعرفه ولم يستأنس معنا من ذي قبل.
و «سلاما» بعد «قالوا» ليس فقط صيغة السلام ، وإلّا كان «سلام» كما في جوابهم ، فقد يكون : كلاما سلاما ، او قولا سلاما ام اي سلام يحق على الوارد ان يقوله ومنه تحية السلام ، وحتما كانت في قولهم سلاما ، وإلّا لما كان له الجواب «سلام» و «عليكم» المحذوفة ، وهنا نتأدب بأدب الدخول للضيف المكرمين مهما كانوا منكرين ، ومنه واجب السلام قولا وفعلا (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً) (٢٤ : ٦١).
ثم (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) لم يكن إلّا بعد (سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) وبعد ما قدم لهم ما قدم (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) (١١ : ٧٠) وليكن إيجاس الخيفة والوجل مسنودا الى سبب ظاهر ، دون انهم ـ فقط ـ قوم منكرون! فلا تحل اية تهمة على من لا تعرفه بسند انك أنت لا تعرفه ، وحتى إذا صدر منه ما يخيف فلا توجس منه خيفتك ، بل أظهر هاله مصارحا كما صرح ابراهيم : (إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) مصارحة بالحق ما أحلاها ، دون مسايرة محايرة بايجاس الخيفة ، وقد تخلّف تبعات سيئة شئت ام أبيت.
(قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ)(٥٣).
ونفس البشارة بهذه الخارقة الغريبة لمحة صارخة مصارحة انهم لم يكونوا بشرا ، بل هم ملائكة يحملون وحي الله اليه في هذه البشرى السارة (بِغُلامٍ عَلِيمٍ) ومن قبل في إسماعيل (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) (٣٧ : ١٠٧) وطبعا لا حلم صالحا دون علم.
وفي الصافات (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ)(١١٢) ف «عليم» هنا تعني علم الوحي النبوة؟ (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها