سائرا ، او يتلكأ تلفّتا الى ارض الوطن لحاجة وسواها ، فتفلتا عن موكب الخلاص ، ام تثاقلا عن السرعة اللازمة ، بل : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) الى الوراء نظرا فضلا عن وقفة ، او رجعة (إِلَّا امْرَأَتَكَ) (١١ : ٨١) حيث المنظر المنتظر عاجل هائل قد يبعث لقطع الحراك ، ام لفتور عن العراك «وامضوا» في ذلك السري ليلا (حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) فان أمامكم هدي رباني ، مهما كان إمامهم لوط أم رسل الوحي.
هذا ولذلك الموكب الناجي بشرى القضاء على المجرمين ، نجاتهم أولاء أجمعين : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ) لوط ، وحيا صارما مقضيا لا قبل له (ذلِكَ الْأَمْرَ) العظيم الإمر وهو : (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ) المجرمين (مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) (... وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) (١١ : ٨١) (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٦ : ٤٥).
وقطع دابرهم لا يعني ـ فقط ـ قطع حياتهم عن بكرتهم ، بل وكل ما دبروه وادبروه من حاجيات الحياة ، حيث (جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (١١ : ٨٢) فما أبقى ذلك الأمر لهم كيانا ولا كائنا إلّا دمّر.
نرى السياق يقدم ذلك المساق لعظمه ، بارعا للمؤمنين وقارعا للكافرين ، ولكي لا يفاجأ القارئ بما يفجع من الحالة الهائلة لآل لوط لما جاء اهل المدينة الى ضيفه يهرعون :
(وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ)(٦٧) :
(وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ ..) (١١ : ٧٨) : يساقون بعنف وتخويف حيث هم سيّقة الشيطان ، وهم «يستبشرون» بما تسامعوا من الضيف الواردين «يستبشرون» بالعثور على