تنديد بالمشركين شديد انهم يفضلون أنفسهم بأصنامهم على الله فبيناهم لا يسوّون بين أنفسهم وما ملكت ايمانهم فيما رزقهم الله ، إذ أهم يسوون بين الله وأصنامهم ، وهو خالقهم وخالق أصنامهم ، بل ويفضلون أصنامهم على الله في عبادتهم لها دونه ، والتسوية بين الفاضل والمفضول ظلم في ميزان الحق.
والآية في نطاق آية الروم : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(٢٨).
وذلك التفضيل الفضيل في مختلف الرزق هو لحكمة بالغة جماعية بين المرزوقين : (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) (٤٣ : ٣٢).
و «الرزق» المفضّل فيه بين متصل ومنفصل ، من رزق العقل والعلم وجودة الفكر والسلطة الروحية أو الزمنية او اموال وأولاد وأهلين ، ومن رزقهم انهم يملكون عبيدا وإماء.
وذلك الرزق بين حالات عدة ، من ممكنة متمكنة : مسموحة او ممنوحة او ممنوعة ، وواجبة اصلية او فرعية ، ام مستحيلة ذاتية او عرضية.
ومن المستحيلة تفويض الفضائل النفسية لما ملكت ايمانكم ام سواهم ، ومن الممنوعة تخويلهم أهليكم ام تحويلهم لهم ، وكذلك انفاق كلّ أموالكم (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً).
(فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) تعني ـ بعد الرد المستحيل ذاتيا ام ممنوعا ـ ردّ السلطة المالكية على مماليكهم