فأفئدتهم هذه ، المتسعرة بسعير المظلمات ، سوف تخمد حين يرون العذاب ، وتهوى هباء كأنها تخرج منهم فهم ميتون.
فالسرعة المهرولة المدفوعة ، في الهيئة الشاخصة المشدودة ، مع القلب الفارغ الهواء ، الخواء الهارع ، الفارغ من كل وعي وتصميم ، وكل ذلك تشي بالهول الذي تشخص فيه الأبصار ، وهذه مسيرة ومصيرة الظالمين ، انتصارا للمظلومين ، إلّا من ساعدوهم في ظلمهم ، وساندوهم في تطاولهم على سائر المستضعفين ، فإنهم ـ ايضا ـ في عداد الظالمين مهما كانوا في عديد المظلومين ولا يظلمون فتيلا.
وهنا «الظالمون» فقط دون «الكافرون» لان الظلم هو انحس كفر وأتعسه.
(وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ)(٤٤).
(يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) كبداية هو يوم عذاب الاستئصال ، ام الموت البادئ فيه العذاب (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٢٣ : ١٠٠).
ام كعذاب بعد البرزخ وهم صالوا النار : (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (٣٥ : ٣٧).
ولكن «أخرنا» قد تلمح الى بادرة العذاب يوم الموت ، او العذاب الذي يستأصل الظالمين ، فهو ـ إذا ـ الزاوية الاولى من ثالوث العذاب ،