الذي يهدد الظالمين قبل يوم الموت ويوم الدين (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) ولمّا يغشاهم العذاب ويهلكهم ـ (رَبَّنا أَخِّرْنا) في عذابنا المستأصل (إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) غير بعيد ، (نُجِبْ دَعْوَتَكَ) الصارخة في فطرنا وعقولنا ، ثم على ضوءها (وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) فإذا هم بالجواب الحاسم القاصم : (أَوَلَمْ تَكُونُوا ...) وقد يشبهه (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٦٣ : ١٠) مهما اختلف الموقفان في الإفراد هنا والجمع هناك وفي غير ذلك مما هناك.
وقد تعني (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) كل هذه الأيام ، يوم الرجعة ويوم الموت بعذاب استئصال وسواه ، ويوم القيامة ، حيث تتحملها الآية ، مهما اختلفت في الأصالة المعنية وسواها.
والواو هنا يعطف الى محذوف معروف كالذي في الفاطر (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ..) : فهنا (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ .. أَوَلَمْ تَكُونُوا)» كما هناك «(أَوَلَمْ تَكُونُوا .. أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ)» ، والذي في «المؤمنون» : (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ..) فهنا وهناك (إِنَّها كَلِمَةٌ .. أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ .. أَوَلَمْ تَكُونُوا) ..» ، والذي في السجدة جوابا عن (.. رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ .. فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا ..)(١٤).
وهنا (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) كأنحس وأتعس ما كانوا يتقولون : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) (١٦ : ٣٨) أقسمتم ما لكم من زوال من هذه الحياة الى حياة اخرى ، وانما هو موت الفوت.
او (ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) في القوة والمال والحال على أية حال ، فليس العذاب المهدد به بالذي يزيلنا : (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) فقد جاءكم ما