أقسمتم من عذاب الاستئصال.
وقد تلمح «الناس» باطلاقه ، ك (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) في تحتّم ذلك المستقبل ، انه العذاب الآتي للكلّ ، الجامع المكافح لكافة القوات البشرية ، فعلّه يوم قيام القائم من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فانه عذاب على الظالمين ، ورحمة للصالحين.
ف «الناس» هم كل الأمم الرسالية ، وكما تلمح له (وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) ، وذلك العذاب هو الأدنى حيث يأتيهم يوم الدنيا : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٣٣ : ٣١) وطبعا لمن له ان يرجع.
فلان الايمان عند رؤية البأس ليس هو حق الايمان ، لا يقبل من هؤلاء الظالمين قولهم (رَبَّنا أَخِّرْنا ..) بل ليس هنا إلا رد بتنديد (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) وانتقال الى حياة اخرى ، ام زوال عن قوة الحياة وشوكتها ، فكيف ترونكم اليوم؟ زلتم أمّا زلتم ، ولقد تقولتم قولتكم هذه وآثار الغابرين شاخصة ماثلة أمامكم :
(وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ)(٤٥).
طغاة هم ـ بطبيعة الحال ـ يسكنون مساكن الذين ظلموا أنفسهم حيث يتوارثون سكنات الطغيان وثكناته ، فليس مجرد السكون في مساكن الظالمين ظلما ، فقد يكون عدلا كما الدولة الاسلامية تسترد مساكن الظالمين الى أصحابها المظلومين ، ام تسكنها الشعب المستضعفين لأنها مجهولة المالكين.
(وَسَكَنْتُمْ .. وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ) حيث خرّت عليهم السقف