لكل شيء برحمة رحمانية : فكيف يتخذ ولدا؟ أبولادة؟ وهو خالق وليس والدا ، ام بتشريف ولا تشريف أعلى من العبودية ، والبنوة التشريفية تزييف لساحة الرحمن (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً)
(إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا)(٩٤).
كلّهم يأتونه عبدا ليوم الدنيا ويوم الدين ، طوعا أتوه ام كرها حيث العبودية ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم ، ومهما هم آتوه هنا بأموال وبنين وسائر زخرفات الحياة زينة لها وابتلاء فيها ، ولكنهم :
(وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً)(٩٥) :
«فردا» عن كلما لديهم يوم الدنيا إلّا ما قدمت لهم أنفسهم او عليهم ، فهم إذا فرد يومئذ عما كانوا يظنون ، وشفع بما لم يكونوا يحتسبون ، فويل لهم من فردهم وويل لهم من شفعهم ، إلّا فردا عبدا ، وشفعا بعبودية!.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا)(٩٦) :
إن الإيمان وعمل الصالحات هما في ميزان الله محوران اصيلان للودّ الحب ، جعلا له قدرهما طول الزمان وعرض المكان ، مهما كان ليوم الرجعة والبرزخ واليوم الآخر عرضه العريض كل حسبه ، ولكنما الدنيا ايضا لها نصيب مهما غشيته أية غاشية ، فانها تبرز في مواردها حجة للايمان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) :
وفي «سيجعل» الرامية الى مستقبل قريب تلميح مليح بمثلث الأيام ، مهما شمل مستقبل الايمان وعمل الصالحات منذ بزوغها واين مستقبل من مستقبل ، واين ودّ من ودّ؟: