تأكيد ولم يتركها إلا هذه المرة طول حياته المنيرة ، فليحتبس عنه الوحي أربعين يوما لماذا ترك (إِنْ شاءَ اللهُ) ولكي يعرف السائلون من خلال ذلك الاحتباس انه حتما رسول الله (١).
انه لم يكن تاركا لواجب رسالي يستوجب باحتباس وحيه ودعا او قلى : (وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى. ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ..) بل هو من الطاف ربه الخفية مهما كان في ظاهرة ودع او قلى ، اللهم إلّا ان يتركه متناسيا ومؤكدا في وعده ولم يؤكد ولن!
إذا فاحتباس وحيه كان رمية ربانية الى هدفين ، اهمهما تثبيت وحيه ورسالته ، أن لو كان من عنده لما احتبس عن الجواب ، ثم وعلى هامشه (وَلا تَقُولَنَّ ..) فقط للقولة المتروكة لا سواها من حول وقوة وايمان وعقيدة فانه (صلّى الله عليه وآله وسلم) كله (إِنْ شاءَ اللهُ) مهما يترك لمرة واحدة قولها الذي يخلف تثبيتا. لوحيه باحتباسه ردحا من الزمن!.
ذلك الاحتباس في ظاهره ليل إذا سجى وفي باطنه ضحى ، فكما الضحى رحمة كذلك الليل إذا سجى ، فليل احتباس الوحي كضحى الوحي فرقد ان متتابعان يتناصران في هامة الرسالة المحمدية السامية.
ثم (وَلا تَقُولَنَّ) تشمل ما مضى من الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) وما يقبل ، كما ويشمل غير الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) فقوله (صلّى الله عليه وآله وسلم) حين سألوه عن أمر اصحاب الكهف
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢٥٤ ح ٥٣ في من لا يحضره الفقيه روى حماد بن عيسى عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (عليه السلام) .. ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أتاه أناس من اليهود فسألوه عن أشياء فقال لهم : تعالوا غدا أحدثكم ولم يستثن فاحتبس جبرئيل (عليه السلام) عنه أربعين يوما ثم أتاه فقال : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ «وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ).