يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) ١٩.
«وكذلك» الذي فعلنا من آيات خوارق للعادات في الضرب على آذانهم سنين عددا وتقليبهم فيها ذات اليمين وذات الشمال ، وتزاور الشمس عنهم ، وقرضها إياهم : (كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ) آية اخرى (لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ) عن مكثهم وبعثهم كغاية أولى لأنفسهم ، ومن ثم لمن سواهم : (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها ..)!
تساءلا بينهم ينبههم بإجابة المقال والحال ان للحق دولة وللباطل جولة ، أنهم يفركون أعينهم من هذه النومة الطائلة الثقيلة فيسأل سائلهم (كَمْ لَبِثْتُمْ)؟ ولأنه لا يدري كم لبثوا ، فيأتي الجواب (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) ترددا لهم كلهم ، أو اختلافا بينهم في «يوم او بعض يوم» إجابة دون تعمق وتأنّق ، تلوح من ظاهر النوم : ثقيلا بعض يوم ، ام أثقل فيوم او ان «يوما» بتخيل انهم استيقظوا في مثل الوقت الذي ناموا فيه صباحا او مساء ف «يوما» او اخطأوا المثل فظنوا المساء صباحا او الصباح مساء وقد ناموا خلافه ف «بعض يوم» والنوم يقتضي هكذا تردّد في امده وحدّه ، او انهم ناموا غدوة وبعثوا آخر النهار فظنوا انهم لبثوا يوما ، فلما رأوا الشمس باقية قالوا (أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) ولذلك تقدم «يوما» على (بَعْضَ يَوْمٍ) ام ماذا؟
«قالوا» جماعة آخرون وعلّ السائل منهم فطرفان ، ام ليس منهم فثلاثة (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ) فلسنا نحن له بعالمين ، إذ نتلمّس خارقة في نومتنا لم نلمسها في سائرها حيث الشعور طويلة كما الأظفار ، والوجوه متغيرة ، ما لا يحصل في أية نومة ، فلا يوم ولا بعض يوم! وليس «اعلم»