وترى من هما الحزبان؟ أهما حزب الايمان اصحاب الكهف وحزب الكفر المختلفان في أمد لبثهم إحصاء؟ ولم يسبق ذكر عن حزب الكفر ، ولا انهم بقوا الى بعثهم ، ولا انهم عرفوا كهفهم حتى يحصوا لبثهم! ام هما من اصحاب الكهف أنفسهم حيث افترقوا فيما احصوا من لبثهم : (وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ ..).
و «أحصى» فعلا من الإحصاء ، فأيهما احصى وأي ما احصى ، فالمحصي (قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ) عالمين انهم لبثوا ردحا بعيدا من الزمن يعلمه الله ، وغير المحصي (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) ثم الأولون كملوا إحصاءهم حيث بعثوا أحدهم بورقهم فتبين لهم كم لبثوا؟
ثم و «احصى» افعل تفضيل فهما أحصيا والأولون احصى من الآخرين ، ولكن الآخرين لم يحصوا اللهم إلّا ظاهرا من نومتهم بآية الشمس غاربة فيوم ام زائلة فبعض يوم!(١).
وجهان أولهما أوجه ولثانيهما وجه بعيد او علّهما معنيان ان الآخرين احصوا وان كان إحصائهم لا يحسب بشيء ، والإحصاء الصحيح العلم انهم لبثوا أمدا بعيدا لا نعلمه ، ثم الأصح الأعلم (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ) إحصاء أو لا إحصاء غلط ، ثم إحصاء صحيح ، ومن ثم إحصاء أصح هو من الله.
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً ١٣ وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) ١٤.
__________________
(١) قال ابو علي الفارسي «احصى» ليس من باب افعل التفضيل لان هذا البناء من غير الثلاثي المجرد ليس بقياس.