الى مشهد التفصيل من قصتهم شرحا لما أجمل ، أترى هنا تفصيلا عن كلما حصل من غث وسمين؟ وهذه حكاية تاريخية وليست قصة! وإنما «نقص» قصا «نبأهم» فالنبأ خبر ذو فائدة عظيمة ، والله يقص أنباء ما قد مضى من غيرها ، اصطفاء للمفيد منها نبراسا ينير الدرب على العالمين.
هنالك في التأريخ مزيج مما يفيد : «أنباء» وما لا يفيد أو يقل ، ومن المفيد ما هو حق وما هو باطل (١) والقرآن يقص منها انباء الحق (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ) قصا بالحق عما هو حق مصاحبا لذكرى الحق (٢) حق صراح لا يشوبه باطل في أي حقل!
(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ..) : مربع من التعريف برجال القصة : «فتية ـ آمنوا ـ زدناهم ـ وربطنا» كل ذلك يربطها برباط القيام في كلمة التوحيد : (رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ .. لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً) ثم تزييف الشرك في ربوبيته (لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً)!
١ (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) : الفتى هو الطري من الشباب وقد يطلق على كل طريّ شابا ام غير شاب ، وكما يروى ان اصحاب الكهف كانوا كهولا (٣) ولفتوتهم في طراوة حريتهم ورجولتهم سموا فتية ، وإلّا لماذا «فتية» لا أناس
__________________
(١) فقد يختلق امر فيه تقوية لجانب الحق ولكن الغاية لا تبرر الوسيلة.
(٢) بالحق هنا حال من القص ومن النباء وظرف للقص بباء المصاحبة.
(٣) نور الثقلين (٣ : ٣٤٥ ح ٢٥) في روضة الكافي علي بن ابراهيم (رض) قال : قال : ابو عبد الله (عليه السلام) لرجل : ما الفتى عندكم؟ فقال : الشاب ، فقال : لا الفتى المؤمن ، ان اصحاب الكهف كانوا شيوخا فسماهم الله عز وجل فتية بايمانهم. وفي الدر المنثور اخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) اصحاب الكهف أعوان المهدي (عليه السلام) وفي البرهان عن ابن الفارس قال الصادق (عليه السلام) وسبعة من الكهف يعدهم من اصحاب المهدي (عليه السلام).