والملاحقة من أية جهة كانت و (كُلَّ سَفِينَةٍ) تعني من مساكين وسواهم حيث هي صالحة للاستثمار ، فلتكن صالحة غير معيبة ، (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) في الظاهر لأصلح أصلها لكيلا تغتصب.
على الملوك أن يكونوا وراء الشعوب ولا سيما المساكين خدمة لهم وإصلاحا ، وهذا الملك كان وراءهم خيانة وإفسادا (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) فلأنني أحطت بذلك خبرا أعبتها للحفاظ على أصلها ، ثم الحفاظ على أهلها عن غرقها حاصل بما سددنا ثغرتها.
بهذا العيب الصغير نجت السفينة عن الضرر الكبير الذي يكنه الغيب إن لم يكن لها عيب ، ولتكن هذه سنة للحفاظ على الأصلح وكما عاب الإمام الصادق (عليه السلام) زرارة في ظهر الغيب حفاظا على نفسه ، وبهذا المعنى الغاية تبرر الوسيلة ، فإعابة السفينة محرمة لو لا هذه الغاية ، دون أن تتبرر كل وسيلة بكل غاية ، وإنما الغاية الأهم بوسيلة دون الأهم ، فغاية توطيد اركان الخلافة بواسطة تثبيت معاوية ردحا من الزمن لا تتبرر ، حيث الخلافة العادلة لا ترتضي ظلما يتبناها او يوطّدها ، وإبقاء معاوية إبقاء للظلم ريثما يثبت العدل ثم يزيل معاوية الظلم ، ومن ذا الذي يضمن بقاء الإمام في هذه الفترة حتى يعزل معاوية ، ومن ذا يضمن إمكانية عزله إن
__________________
ـ وصححه وابن مردويه عن ابن عباس ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) كان يقرأ «وكان امامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا».
أقول : اما «صالحة» فهي تفسير بيان للسفينة ، واما «امامهم» فقد يعني «بين أيديهم» دون ان يكون «امامهم» بدل «وراءهم» و «صالحة» محذوفة عن القرآن ، حيث تطارده أحاديث العرض ولا نصدق الا كتب القرآن المتواتر والمجمع عليه طوال القرون الاسلامية!
ويشهد لذلك ما رواه العياشي عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه كان يقرء (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) يعني امامهم «يأخذ كل سفينة صالحة غصبا».